إعتبر العميد عبدالله قيران مدير أمن محافظة تعز، في اول حديث له مع وسيلة إعلام مقروءة، ان ما يحصل في اليمن هو انقلاب على الشرعية وتدمير للمؤسسات. وقال في حديث مع إيلاف ان هناك اليوم من يريد إعادة اليمنيين إلى ما قبل الجمهورية نافيا من جهة أخرى ان يكون اصدر الاومار لاقتحام ساحة الحرية في ايار- مايو الماضي.
يعتبر العميد عبدالله قيران أحد أكثر الأشخاص إثارة للجدل على الساحة الأمنية والسياسية اليمنية، حيث تتهمه أطراف المعارضة بعسكرة مدينة تعز، وألصقت به حادثة إقتحام ساحة الحرية في 29 مايو/ أيار الماضي، حيث لازالت الأحاديث عن سقوط عشرات الضحايا في تلك الحادثة تتردد.
ويعد قيران أكثر الشخصيات تلقيا للنقد في الصحافة وفي مواقع التواصل خصوصا من قبل المعارضة، كما يوصف بأقسى الأوصاف من قبل المحتجين. وقد التقت ايلاف قيران اخيرا في ظل ظروف أمنية صعبة تعيشها محافظة تعز حيث تدور مواجهات شبه يومية بين مسلحين يعتبرون أنفسهم حماة للثورة السلمية، وبين قوات الأمن والجيش. وفي مكتبه حيث لا تتوقف الاتصالات من أكثر من أربعة هواتف أمامه أجري الحوار، بينما كانت مساعي التوقيع على اتفاق التهدئة في ساعتها الأخيرة.. ويتوقع أن تتم هذه الاتفاقية فعلا لكن في ظل مخاوف من الخروقات.
وفي هذا الحوار يكشف قيران عن تفاصيل كثيرة حول اقتحام ما يسمى بـ "ساحة الحرية"، وحول المواجهات المسلحة وعدد الضحايا وغيرها من القضايا. في ما يلي نص الحوار:
- أولا كيف تصف الحالة الأمنية في مدينة تعز حاليا؟
نحن جزء من الوطن وما يدور في تعز جزء مما يدور في الجمهورية اليمنية بشكل عام من أزمة تطورت من سياسية إلى اقتصادية واجتماعية وفي الأخير أصبحت للأسف أزمة أخلاقية.
أعتقد أن ما يمر به اليمن بشكل عام وتعز خصوصا هي أزمة لم يشهد لها الوطن مثيلا لها منذ ثورة سبتمبر 1962 وأكتوبر 1963، وما يحدث في تعز شيئا يؤسف له، هذه المحافظة المعروفة بتاريخها الثقافي ونضال أبنائها، وبثقافة وأخلاقيات مجتمعها.. ما يحصل اليوم أرى إنه تصدير لأشياء من خارج المحافظة ودخيلة على المجتمع.
-تصدير لماذا؟
تصدير لأزمة موجودة عند البعض، أزمة موجودة عند من يتبنون ما تسمى بالثورة، أو من تدافعوا إلى الساحات من الأشخاص الذين كانوا قد تلوثوا بقضايا فساد وكانوا موجودين في أماكن صنع القرار، ووجدوا مناخ ملائم مع البعض الذين تستهويهم تجارة الحروب، أو أن يكون لديهم بعض النزوات اللاأخلاقية تجاه المجتمع، لا يهمهم ما هي النتائج التي تترتب على أفعالهم ولا على سلوكياتهم أن تشوه سمعة المحافظة أو أن توجد بعض الأخطاء، التي تلوث قناعات الناس أو تشكك في أخلاقيات هذا المجتمع وفي سلوكياته وفي ثقافته، بقدر ما يهمهم المكاسب المادية، والشهرة على حساب أرواح ودماء الناس، وعلى حساب معيشتهم.
-لو ناقشنا القضايا بالتدرج، وبدأنا من مرحلة نقلك من محافظة عدن إلى محافظة تعز.. لماذا تحديدا تم نقلك إلى تعز، في حين كانت تعز في حالة أمنية اعتيادية وليس هناك مشاكل كما يطرح في الشارع؟
بالتأكيد الكلام الذي يروج له في الشارع كلام كثير، ونحن مسيرون ولسنا مخيرين في الجهاز الإداري للدولة وبالذات في الجهاز التنفيذي، وتحكمنا ضوابط قانونية، وضوابط إدارية نستلم قرارات وتعليمات وملزمون بتنفيذها.. قضية أن أكون في تعز أو في أي محافظة أخرى أمر متروك لقيادة وزارة الداخلية في التعيينات في المناصب، ولم يكن هناك تحديدات اختيارية، والموظف لا يستطيع أن يفصل المنصب على مقاسه أو بحسب رغبته أو هواه، وللأسف لازال هذا الحديث عن هذا الأمر من ضمن تراكمات الحملة الإعلامية التي ضلت تروج وتفسر بعض الأمور التي تطرح في الشارع.
ما هو حاصل سياسيا إن هناك طرف يريد الوصول إلى السلطة دون اتباع الإجراءات الدستورية والقانونية التي تعارف عليها الشعب وفقا للدستور، وقد اختاروا الطريق القصير بحسب فهمهم الخاطيء وقاموا باستهداف كل الشخصيات والمؤسسات وبالذات المؤسسة الأمنية والعسكرية لمعرفتهم أنها صمام الأمان وحامي الشرعية الدستورية، وهي التي يعتقدون أنها العقبة التي تمنعهم من الوصول إلى هدفهم اللامشروع.
-لكن على أرض الواقع، ألم تكن المدينة هادئة قبل أن يتم تعيينك مديرا للأمن فيها؟
حقيقة المشكلة هي موجودة من قبل ما آتي إلى محافظة تعز، والأزمة كانت في بدايتها حينما انتقلت ولكن شاءت الأقدار أن تتسارع الأحداث بعد استلامي للعمل، وأنا لا أخفيك إنه من خلال المعلومات الإستخبارية التي كانت لدينا في الفترة السابقة، كان هناك مخطط مرتبط ببرنامج زمني للتصعيد لدى أحزاب المشترك والدليل أنه منذ استلامي للعمل استمريت لمدة شهرين دون أن يحدث أي مشاكل أو صدامات، وكانت الممارسة السلمية للاعتصام في الساحة طبيعية وكنا نوفر لهم الحماية، وكانت علاقتنا مع الشخصيات التي تقود الاعتصامات مستمرة، ولم يكن هناك انقطاع، لكن حينما جاءت المرحلة التالية دون أن يتحقق هذا الهدف الذي ينشدوه، فقاموا بمحاولة التصعيد واستخدموا أساليب للتحريض على الشباب أوصلتهم إلى مرحلة العنف، ولم يكن ما يدور ضمن الممارسات السلمية.
-قبل أن نواصل الحديث في هذا السياق وبعد اقتحام الساحة نريد فقط المرور على قضية كانت في بداية نقلك إلى تعز، وهي في عدن.. قضية الشاب أحمد درويش الذي توفي في المستشفى حسب مايقال بسبب التعذيب في السجن، وتمت بعض الإجراءات القضائية بحقك كونك أحد المتهمين بالتغطية على تعذيب الشاب.. ما هي ملابسات هذه القضية؟
للأسف إن القضية أخذت أكبر من حجمها وتم تسييسها.. الحكاية إن الشاب أحمد درويش سجن مع مجموعة من 25 شخصا ممن كانوا متهمين بالاعتداء على مقر الأمن السياسي في محافظة عدن حينها، وتم احتجازهم حجز تحفظي لمدة 24 ساعة وجاءت التعليمات حينها بالإفراج عنهم كون المطلوبين أمنيا الذين كانت تبحث عنهم الأجهزة الأمنية لم يكونوا ضمن هذه المجموعة وقد ضبط المطلوبين لاحقا، وبالتالي هذا الشخص كان ضمن المحتجزين في البحث الجنائي الذي جاء أقاربه ليطلبوا إسعافه وتقدموا بذلك إلى مدير البحث الجنائي لأنه مريض، وبالفعل تم تقديم العلاجات له، واستاءت حالته وتم نقله إلى المستشفى وتوفي في المستشفى وفاة طبيعية ولم يكن هناك سبب جنائي.. هذا من حيث المبدأ.
وبعدها كانت أسرته قد طلبت من النيابة إذن بالدفن، ولكن تدخل طرف آخر وصعدوا الموقف ووظفوه سياسيا وأوقفوا إجراءات الدفن، وبدأوا في استثمار الموقف وبدأوا بتوجيه التهم لمسؤول السجن (السجان) أنه اعتدى عليه بالضرب.. ولم يقولوا إنه قتل، وقالوا إنه حصل مشاحنات بينه وبين السجان وأنه اعتدى عليه بالضرب، هذه كانت القصة بمجملها، ومن ثم بدأوا بتكبير القضية حيث نصبوا خيمة وتواصلوا مع بعض الشخصيات القيادية فيما يسمى بالحراك الجنوبي، ووظفوها وبدأوا بمحاولة الضغط علينا بتسليم السجان، وحينها قلنا لا يوجد لدينا مانع، وعلى النيابة أن تتخذ إجراءاتها وحينما تقرر إحالة السجان للتحقيق فليكن، وذهبوا إلى النيابة وقررت النيابة إحالة الجثة للطبيب الشرعي، ورفضت أسرة المتوفي من تشريحه، وكررت المطالبة ورفعوا إلى النائب العام وجاءت التوجيهات مرة أخرى بأنه لا وجه لإقامة الدعوى إلا متى ما تقرر لدى النيابة بدليل مادي إن المتوفي كانت وفاته بسبب جنائي.. ومن ثم صعدوا الموضوع ودخلوا في متاهة طويلة عريضة مع كثير من الأطراف إعلاميا إلى أن وصلوا إلى مرحلة يطالبون بالتحقيق مع مدير الأمن بتهمة الإفراج عن المتهم، بينما هو لم يسجن أصلا، هو تم التحفظ عليه خلال خليجي 20 احترازيا بناءً على قرار من اللجنة الأمنية خوفا عليه من الطرف الآخر الذي كان يهدد بالاعتداء عليه.. ولا يوجد قرار قضائي تجاه مدير الأمن كما يدعون، ولا تجاه السجان حينذاك.
-لكن نشرت حتى صورة تلك القرار في كثير من وسائل الإعلام؟
لم يصلنا أي أمر قضائي.. ما كان يدور إن النيابة قررت سجن المتهم مصطفى الحوري حسب زعمهم، وكان هذا التخاطب بينهم وبين مدير البحث الجنائي العقيد هادي علي عبيد ولم يصلني هذا القرار، بالنسبة لي لم يصلني بلاغ من النيابة أو استدعاء أو أمر بسجن المتهم، فهو مأمور ضبط قضائي ورجل شرطة وهناك قواعد تحكم التعامل مع مثل هذه القضايا حين يكون هناك اتهام لأحد مأموري الضبط القضائي.
-يعني إنه لم يكن لك علاقة بالأمر لا من قريب أو بعيد؟
أبدا، لم يكن لي أي علاقة أو علم نهائيا.
اقتحام الساحة
-لننتقل إلى الموضوع الأبرز وهو عملية اقتحام ساحة الحرية في 29 مايو الماضي وهو الأمر الذي يعتبره الكثيرون بأنه كان فاتحة للعمل المسلح في المدينة.. هناك حديث عن وساطة كانت لإخراج جنديين تم اعتقالهم من مديرية القاهرة إلى الساحة.. هل كنت أنت من يتواصل بالوسيط؟
التواصل كان بين نائبي العقيد عبد الحليم نعمان وبين لجنة الوساطة ومنهم الآخ مهدي أمين سامي، وبالفعل استمر الأمر منذ ساعات ما بعد مغرب ذلك اليوم وحتى الساعة الـ 12 والنصف ليلا.. كان الأمر قد بدأ بالهجوم على مديرية القاهرة وهو مبنى واحد فيه السلطة المحلية ومبنى إدارة أمن المديرية، وحصلت اشتباكات حينها سقط على إثرها بعض الضحايا، من القتلى والجرحى، ومن ثم بعد المغرب تم الدخول إلى المبنى واحتجاز الجنديين وبدأت بعدها المفاوضات على أساس الإفراج عنهم وتسليمهم للجنة الوساطة، إلا أنهم لم ينجحوا كما تحدث بعض أعضاء اللجنة، وهنا خرج بعض ممن كانوا موجودين في الساحة وأبلغ زملاءهم بأن اللجنة محتجزة مع الجنود، ولم يعد هناك مجال للتفاوض، فاندفع الجنود مباشرة باتجاه الساحة بدون أي أمر لتحرير زملاءهم.
-يعني لم يكن لك أي علاقة أو علم بالأمر؟
أبدا.. وإذا كان هناك أمر مني لا يمكن أن أنكره، لأنه في النهاية عملنا حماية الجنود، لكن قضية القرار في حد ذاته لا مني ولا من أعضاء اللجنة الأمنية.
-لكن نشرت صورة لخطة اقتحام الساحة بتوقيعك وتوقيع قائد المحور؟
نعم نشرت تلك الوثيقة وثبت في النهاية إنها مزورة، وهذا الأمر حاليا معروض على النيابة ضد الصحيفة التي نشرت تلك الوثيقة المزورة، وعلى بعض الأشخاص الذين تبنوا قضية استثمار الموضوع على إنه توجيهات خطية مكتوبة مسبقا، لأنه ثبت إنه مزور فالتاريخ غير صحيح والوثيقة ليست رسمية، حتى التوقيعات كانت كلها مزورة، بل إن الأوامر التي كتبت حول هذا الأمر لا تتوافق صيغتها مع صياغة الأوامر والتعليمات العسكرية التي تصدر في مثل هذه القضايا.
-هناك أنباء نشرت إنك كنت متواجد بالقرب من الساحة وتدير العملية من إحدى البنايات؟
كان بإمكانهم إن يصوروني إذا كنت موجودا، وكانت متواجدة أكثر من قناة في الساحة ومن بينها قناتي الجزيرة وسهيل وكان بإمكانهما نقل هذه الصور، وما هو معروف في كل العالم وفي اليمن إن القادة لا يكونوا منفذين، هم يتواجدون في غرف العمليات والمكاتب التي تحقق السيطرة.
-لكن هذه عملية كبيرة وبالتالي كيف يمكن أن تدار بتلك البساطة من قبل الجنود، وأنت ليس لك أي يد فيها؟
العملية كانت وليدة اللحظة ومفاجئة، وبدايتها كلنا لم نكن نتصور أن يتم بتلك السرعة والسهولة أنها تنتهي المسألة، وتم الأمر بهذه السرعة لسببين الأول إن خلافات حصلت داخل الساحة نفسها بين المعتصمين أنفسهم، فقد انقسموا إلى فريقين، منهم من يؤيد محاكمة الجنديين ويصدر قرار بحقهم على اعتبار إن هناك من سقطوا قتلى في المغرب في المواجهات التي حدثت أمام مديرية القاهرة، وطرف آخر كان يرفض المحاكمة وهم فئة الشباب ويطلبون تسليمهم للوحدة الأمنية التي يتبعونها، فعلى إثر هذا الخلاف حصل اشتباك بين المتجمهرين أنفسهم، واشتد هذا الخلاف إلى حد أن البعض خرج من الساحة ولم يبقى إلا عدد محدود داخل الساحة، وأثناء دخول الجنود لتحرير زملاءهم ولجنة الوساطة، تم إحراق خيمة المحامين من قبل المعتصمين أنفسهم، وحسب تحليلنا والمعلومات من بعض الأشخاص الذين كانوا موجودين في الساحة، أن الذين قاموا بإحراق الخيمة هم من الأطراف الذين كانوا يخافون من اكتشاف وثائق في هذه الخيمة، وبعض السيديهات كي لا تستخدم كدليل مادي ضدهم لبعض التصرفات والممارسات الخارجة عن القانون التي كانت تمارس داخل الساحة.. هذه المسألة حقيقة هي التي ساهمت في إنهاء هذا الموضوع، لأن الاشتعال توسع سريعا في كثير من الخيام المجاورة وساعد على ذلك وجود المواد البتروكيماوية التي كانوا يستخدمونها في قنينات المواد الحارقة أثناء المهاجمة لمباني السلطة المحلية وبعض المباني الحكومية الموجودة في المحافظة واستخدمت آخر مرة في مديرية القاهرة حين أحرقوها بواسطة تلك القنينات.
وكان عندهم حسب المعلومات المتوفرة لدينا كان يوجد في الساحة 1100 قنينة من هذه القنينات، فاشتعلت النيران بسرعة حتى المستشفى الميدانية لأنه كان فيه مواد بتروكيماوية ومواد تستخدم للتطهير والتعقيم، كلها كانت مواد سريعة الاشتعال، وانتهت العملية بفترة وجيزة كما قلت أولا بسبب الخلافات التي دبت في أوساط المعتصمين، وثانيا خلو الساحة حينها من المتجمهرين والحمد لله إنه لا يوجد خسائر بشرية.. وقد ناقشنا هذا الأمر مع عدد من اللجان التي شكلت لهذا الأمر وآخرهم لجنة حقوق الإنسان التابعة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان وثبت إنه لم يوجد أي دليل يثبت إن هناك من أصيب أو جرح من المعتصمين، أو حرق، وكل تلك الإدعاءات ثبت بالدليل والشهود عدم صحة الإدعاء بها.
-لكني تحدثت اليوم مع أحد الذين يمسكون بهذا الملف، وسألته وأكد لي إنهم حصلوا على توكيلات مقاضاة من أسر عشرة قتلى و9 مفقودين و4 معاقين توفوا بالاحتراق في خيمهم.. وقدمت هذه التوكيلات للجنة الدولية؟
نحن نعتمد على البلاغات التي وردت للجهات المختصة لدينا حينها، سواءً كانت في الجانب الصحي المستشفيات أو النيابة العامة، أو حتى اللجان التي شكلت فور الحادث.. الأمر الثاني، نحن نعرف إنهم قدموا ملفات لكن فيه تلفيقات لحوادث وقعت خارج الساحة ومنها أسماء لضحايا سقطوا في حوادث مرورية، وهناك أسماء وردت إلينا قدموها للجنة وهي مقيدة لدى غرف العمليات في مستشفيات ومقيدة أيضا لدى النيابة العامة في تواريخ سابقة ليوم اقتحام الساحة.. صحيح إنه سقط في ذلك اليوم عدد من القتلى لكن ليس في اقتحام الساحة، كان ذلك أمام مبنى مديرية أمن القاهرة، أثناء الاشتباكات التي وقعت هناك قبل المغرب.
-كم سقط هناك قتلى؟
حسب البلاغات التي وصلتنا كان هناك أربعة قتلى وعدد من الجرحى جراحاتهم مختلفة أصيبوا أمام مبنى مديرية القاهرة، هذه التي ثبتت يومها، أما قضية الساحة لم يثبت أنه قتل فيها أو أصيب أي أحد أثناء دخول الجنود لتحرير زملاءهم.
-وماذا عن المعاقين الذين قيل أنهم احترقوا في خيمتهم؟
لم يثبت بتاتا إن هنالك من قتل أو احترق لأنه لم يكن أحد في من المعاقين في الخيمة في ذلك الوقت المتأخر من الليل، وقد وجاء أمين عام اتحاد المعاقين ولم يجد حينها أي دليل أن شخص قتل أو فقد حينها، وجاءوا وقد قدم بعض من ادعوا إن هناك معاقين قتلوا أو احترقوا كشفا بأسماء بعض المعاقين، وهذا الكشف كان في بدايته يضم أسماء 13 شخص ثم تناقص إلى ثمانية أشخاص وهؤلاء الثمانية أحضرهم أمين عام الاتحاد إلى أمام اللجنة وتحدثوا بأنفسهم، وكان الأمين العام للمجلس المحلي ونائب المحافظ موجود ولم يثبت وجود أي شخص قتل أو احترق. أما حول الكشف والتوكيلات التي قدمت للجنة الدولية فهو شأنهم ولدينا ما يدحض هذه الادعاءات.
-بعد ما حصل في الساحة من اقتحام وتحول الأمر إلى عمل يشبه الانتقام بطريقة مسلحة ووصلت الأمور إلى ما هو عليه.. ألا تعتقدون إن اقتحام الساحة كان خطأ؟
بالنسبة للساحة وممارسة الاحتجاج السلمي فيها أمر مشروع، بل وواجب علينا حمايته وهو أمر طبيعي وظاهرة صحية ونشجع هذه المسألة، لكن للأسف الذي حصل في الساحة حينها إنها استغلت بطريقة أو بأخرى لتحريض الشباب ولتثقيفهم بثقافات كان الشعب اليمني بمنأى عنها، وأقول إنها ثقافة دخيلة على المجتمع، وصلت إلى أن جعلت من الشباب يمارسون سلوكيات تتنافى وأبسط القيم والمعايير الأخلاقية التي نعرفها في المجتمع اليمني.. ومنها التحريض على الكراهية والتحريض على المناطقية، وعلى العنف، واستعداء المؤسسات الأمنية والعسكرية التي هي أساسا ملك للوطن كله وملك للشعب، هذه الأمور كلها اكتسبها كثير من الشباب في الساحة وبتوجه من بعض الأحزاب التي تعرت في الأخير وتشاهدون إنها لم تكن تحمل مشروع كما تقول، وما حصل في الآونة الأخيرة خير دليل على ذلك لأنهم لا يؤمنون لا بديمقراطية ولا يؤمنون بتعددية سياسية بل إنهم أيضا كانوا يتحدثون عن دولة مدنية نظامية وأفعالهم أثبتت إن هذا الكلام عبارة عن مظلة يمررون تحتها كثير من النوايا السيئة التي يبيتونها لهذا الوطن، واليوم تشاهدون ما يحصل في الحصبة أو في أرحب أو ما يحصل في الطرقات في نهم ومأرب وأيضا في تعز، كل ما هو جميل يدمروه، يعطلون خدمات المواطنين إلى أن وصل إلى قوت المواطن البسيط وفي الأخير يقولون إنها سلمية.
-طبعا أنتم اتخذتم من اعتقال الجنود مبررا لاقتحام الساحة وعلى ما يبدو إن الوساطة لم تأخذ وقتها وانتهى الأمر خلال ساعات وجيزة.. ألم يكن ممكنا تجنب اقتحام الساحة كي لا تأتي التداعيات الجارية حاليا؟
كما أسلفت لك أننا لم نتخذ قرار اقتحام الساحة لكن الذي حصل حينها تصرف فردي ونحن حققنا حينها في هذا الموضوع وأحلنا بعض الجنود الذين دخلوا بداية إلى المكان بدون أمر للتحقيق في المجلس التأديبي، وتم اتخاذ إجراءات بشأنهم.. لكن في حقيقة الأمر لم يرقى هذا التصرف إلى الجانب الجنائي، وكان هدفهم فقط تحرير زملاءهم ولم يكن لديهم نوايا بإخلاء الساحة.. الإخلاء تم بفعل الأشخاص الذين كانوا في الساحة الذين اعتقدوا إنهم مستهدفين وكانوا يعتقدون إن الجنود سيدخلون لتحريز كل الوثائق التي تدينهم بأنهم قاموا بسجن وتعذيب بعض الأشخاص حيث كانوا يقيمون محاكمات ويسجلوها واعتدوا على بعض الأشخاص بعنف زائد حصلت من ضمنها إصابات أدت إلى وفاة داخل الساحة ورفضوا إيصال هذه القضايا إلى الأمن أو إلى المحاكم بل كانوا لا يسمحون بدخول أي شخص ممن يمثلون السلطة سواءً من الأمن والبحث الجنائي، أو الصحة أو النيابة.. وبالتالي هناك من يريد أن يوصل فكرة إن هناك قرار اتخذ بشأن رفع الساحة أو رفع الاعتصامات وهذا أمر خاطيء.
المواجهات المسلحة
-وصلنا الآن إلى مرحلة المواجهات المسلحة وضرب الأحياء السكنية.. ما مبرركم أنتم لضرب الأحياء السكنية؟
حقيقة هذا السؤال كنت أتمنى أن يوجه لمن يدعي إنه يقوم باحتجاج سلمي بينما أثبتت الأيام إنهم كانوا يبيتون سوء النوايا وأنهم خزنوا الأسلحة الثقيلة واستقدموا العناصر المدربة من المليشيات التي تتبعهم، ولم يحصل كما يدعون إن هناك أحياء قصفت والواقع شاهد عيان.. ليس كما يدعون إن المدينة حولت إلى ثكنة عسكرية ومن هذا الكلام، هو موقع واحد فقط الذي موجود بجوار مصلحة الأحوال المدنية نظرا للوثائق التي يحتويها واتخذنا قرار في اللجنة الأمنية بتأمينه بجنود وآليات من وحدات قادرة على حماية هذه الإدارة نظرا لأهمية ما تحويه من وثائق السجل المدني لأبناء محافظة تعز، هي تصدر منها البطائق الشخصية والجنسية للمواطن الأصلي أو من يكتسب الجنسية.
-برأيك.. ما الذي يريده هؤلاء المسلحون؟
غرضهم إسقاط النظام وتدمير المجتمع والوصول إلى السلطة على أرض محروقة، على جماجم وأرواح الأبرياء، ولا يهمه ما هي الخسائر.
-هل تعتقدون أنكم ستتمكنون من إيقاف هؤلاء؟
نحن لا نواجه هذه المجاميع لوحدنا، المجتمع بشكل عام وفي المدينة بشكل خاص هم الذين أصبحوا الآن يقفون في وجوههم، ويدعمون قوات الدولة في مواجهة هذه الخروقات اللا أخلاقية واللا قانونية، اليوم الشارع والمواطن حتى الذي كان صامت في الماضي وقف وقفة جادة أمام هؤلاء الأشخاص وحدد مواقف وقال نحن لن نقف مكتوفي الأيدي تجاه من يريد أن يدمر هذه المدينة ويعطل مصالح الناس، هذا هو اللي حاصل اليوم، وبالتالي رهانهم خاسر لن يستطيعوا مواجهة مجتمع بالكامل، هم مجاميع محددة يستلموا الأجر مقابل الأعمال التي يقوموا بها، ويستلموا الأسلحة والذخائر والأموال المدنسة لإقلاق هذه المدينة.
-من أين تأتي هذه الأموال؟
من قبل قيادات عسكرية متمردة على الدولة وبعضها يأتي من الخارج.
-هل من الفرقة الأولى مدرع فعلا؟
أكيد.. لم يعد خافيا على أحد.
-جرت عدة محاولات لتوقيع اتفاق تهدئة وفشلت هذه المحاولات آخرها تلك التي كان يقود وساطة بها الوزير السابق عبدالقادر هلال ورئيس هيئة الأركان محمد القاسمي.. من المتسبب في تعطل هذه المساعي؟
هي لم تتعطل ولا زالت محاولات التهدئة جارية، وأخذت فقط وقتا أطول مما كان متوقعا لها، ونحن كلنا نبارك وندعم أي مساعي من شأنها تحقن الدماء وتصون الأرواح، رغم أن هناك تحفظات من بعض أعضاء اللجنة الأمنية على بعض البنود التي وردت في اتفاق التهدئة ولكن في الأخير كلنا متفقين ومباركين الجهود التي تسعى إليها لجنة التهدئة وكل الخيرين من أبناء المحافظة من رجال أعمال وشخصيات اجتماعية أو أحزاب سياسية.
-يدور الحديث حول إنك تقوم بإدارة جميع الوحدات العسكرية والأمنية وأنك تنفرد بالقرار حتى دون علم المحافظ.. ما ردك على هذه الأقوال؟
هذا الكلام مردود على صاحبه، لأن كل الوثائق التي تتخذ فيها قرارات، والاجتماعات تتخذ فيها محاضر بحضور الآخ المحافظ وهو رئيس اللجنة الأمنية.. اللجان التي تأتي إلى المحافظة سواءً كانت رئاسية أو تهدئة أو غيرها تطلع على حقيقة ما يتم عمله في اللجنة الأمنية، ولدينا تقاليد عسكرية في المؤسسة الأمنية والعسكرية تحكمها معايير الأقدمية، ومعايير التخصص المهنية، ولا يمكن الخلط بين الجانب الأمني والعسكري.. هناك تكامل لكن في تخصص.. ما يروج له استهداف شخصي ليس إلا.
-لماذا تحديدا عبدالله قيران يدور عنه الحديث وتكال له التهم بشكل واسع؟
المثل يقول "لا ترمى بالأحجار إلا الشجرة المثمرة"، والإنسان الذي يؤدي واجبه يعتبر خصم للطرف الآخر الذي يجده عائقا أمام تنفيذ خطواته التي يسعى إلى الوصول من خلالها إلى الهدف الذي يبتغيه.. أنا صريح للغاية في التخاطب والتعامل، وهذا قد يكون عيب أو ميزة لا أدري، حين يكون لدي رأي أقوله وهناك من يتقبله وهناك من يكون لديه ردود أفعال سلبية باعتبار إن هناك يتعارض مع مفاهيمه ومبادئه التي يؤمن بها.. وبالتالي هنا أي إنسان يعمل بجدية وأمانة وإخلاص لا بد أن يجد صعوبات في الحياة تواجهه، لكن أنا لا اهتم بها ولا ألتفت إليها بقدر ما أهتم بأن أراعي في واجبي الذي أؤديه الأمانة والمسؤولية أمام الله وأمام الوطن.. هي مسؤولية تاريخية وأخلاقية والتاريخ هو الذي يحكم.
-إذا نحن الآن أمام وجهين للمعادلة، أنتم تفعلون ما تفعلون تحت مظلة حفظ النظام وتطبيق القانون، والطرف الآخر يقول إنه في ثورة على كل شيء بما فيها القانون.. إلى أي طريق سنصل؟
هنا الفارق.. المجتمع هو الحكم هنا، نحن تجاوزنا ما يتحدثون عنه وما يسموه مرحلة الشرعية الثورية، المجتمعات العربية وكذلك المتقدمة تجاوزت هذه المراحل وأصبحت في مراحل الشرعية الدستورية، وهناك قوانين تحكم الجميع ومن أراد أن يغير يستخدم سلاح القانون، وأن يحقق هذا أولا باكتساب الشارع من خلال برامج، ومن ثم أستخدم هؤلاء كجيش للمساندة في إحداث التغيير بأقل الخسائر بدون دماء، لكن ما يحصل في اليمن هو انقلاب على الشرعية وتدمير للمؤسسات، اليوم هناك من يريد إعادتنا إلى ما قبل الجمهورية وأن يؤصل للمجتمع قبليا وفئويا ومناطقيا وعسكريا.
-في سياق حديثك عن المناطقية والفئوية وما إلى ذلك.. ما صحة أنك استقدمت عناصر مسلحة من مناطق قبلية مختلفة لمواجهة المسلحين وتسيير الأعمال الأمنية في تعز؟
لقد قالوا أكثر من هذا، ونقلوا عني أني قلت كلاما غير لائق في حق أبناء تعز، وهو كلام لا يحتمله مسمع إنسان تربى في أسرة.. وهو كلام مبتذل، وأنا أتوقع أن يطرح مثل هذا الكلام، وقد ضللوا الرأي العام، لكن الواقع ما يتحدث عنه أبناء المحافظة أنفسهم وليس من لديهم أجندة خاصة بهم. أبناء المحافظة يعرفون من استقدم عناصر مسلحة ويقوم بتدريبهم، الشارع هو من يعرف.
-في إطار تحقيقاتكم، هل تم استقدام مسلحين من خارج المحافظة؟
بالتأكيد.. لدينا مجموعة محتجزة واعترافاتهم تؤكد هذا الأمر. إنهم كلفوا من بعض الألوية التابعة للفرقة الأولى مدرع وتم إرسالهم إلى محافظة تعز بقيادة صادق سرحان وحمود سعيد المخلافي لتشكيل مجاميع مسلحة للاستيلاء على بعض المنشآت والمعسكرات وعلى المدينة بشكل عام، هذه اعترافات من الذين تم ضبطهم.
-ما هي معلوماتك عن توقيع اتفاق التهدئة بين المحافظ وبين صادق سرحان؟
بالفعل تم اللقاء مع المحافظ وتم الاتفاق على خطوات عملية لإنهاء حالة التوتر في المدينة، وأتمنى إنشاء الله أن تترجم على أرض الواقع.
-أخيرا.. كم تبلغ الخسائر من الجانب الأمني، في الأرواح وكذلك في الآليات؟
بلغ عدد الضحايا 26 شهيدا، وعدد الجرحى 350 مصابا، وهناك أيضا خسائر مادية أخرى، منها حوالي 20 سيارة منهوبة، و6 سيارات محروقة، إضافة إلى عدد من حالات إطلاق النار على عدد من المواقع والمواطنين حصرت بـ 54 حالة، وترتب عليها إصابات وقتل.
أما المنشآت التي تم إتلافها والاعتداء عليها 24 منشأة داخل المدينة غالبيتها في منطقة عصيفرة، إضافة إلى حالات اعتداء على سيارات الخدمات من قمامة وصرف صحي وغيرها، ومحاولات لتعطيل مؤسسات خدمية.